يُحكى أن فلاحاً كان يملك حماراً و ثوراً .. كان يستخدم الثور في حرث الأرض و طحن الحبوب.. أما الحمار فكان لا يركبه إلا عند الحاجة للذهاب إلى البلدات المجاورة أو نقل احتياجاته الخفيفة ..
فكان يُرهق الثور في الحقل من شروق الشمس إلى مغيبها .. أما الحمار فيبقى في مربطه أمام معلفه و مشربه بدون أي عمل شاق. بل أنه أفرط في دلال ذلك الحمار حتى أنه ينظفه و يمشطه و يُجمله خشية أن يدعوه أحد إلى وليمة مفاجئة فلا يذهب إليه إلا براحلةٍ نظيفة و أنيقة ..
أشتدت حالة الطقس سوءاً ذات يوم فاضطر الفلاح للعودة مُبكراً من الحقل إلى منزله و اصطحب الثور معاه رحمة به من قسوة الطقس.. دخل الثور إلى الحظيرة فتأمل بعينه ذلك الدلال المفرط الذي يعيشه الحمار، و قارنه بالمشقّة التي يتكبدها هو كل يوم..
فوجد الحمار وقد وُضِعَ عليه لحاف يقيه قسوة الطقس و قد أكل من الشعير و أطيب الأعلاف حتى شبع و نام مرتاحاً قبل مغيب الشمس بدون أن يبذل أي جهد أو يعاني قسوة الطقس في الخارج.
تذمر الثور من حاله و شكى للحمار قسوة معاناته .. فقال له الحمار وهو يتثائب : يا عزيزي لا تحزن! إذا جاء الصباح لا تقم من مكانك حتى و إن ضربوك أو سحبوك. و إن قدمو لك العلف فلا تأكل منه إلا القليل. و ثق أنه لن يطول بك الوقت حتى يقوم الفلاح بالاستسلام لواقعك الجديد الذي ستفرضه عليه.
سمع الفلاح حديثهما .. وفي اليوم التالي عمل الثور بنصيحة الحمار، فلم يضربه الفلاح ولم يقسو عليه. و بالمقابل شدّ المحراث على الحمار و أخذه للحقل بدلاً من الثور، و بقي الثور في حظيرته لا يأكل ولا يشرب خشية أن يعود إلى الشقاء مرة أخرى..
عاد الحمار إلى الحظيرة في المساء ساخطاً من الثور ، و متذمراً من قسوة العمل في الحقل .. فلم يكترث الثور كثيراً لمصاب الحمار و بدأ يأكل معه كي يظن الفلاح أن الحمار هو من أكل العلف لوحده ولا يُعيد الثور إلى العمل الشاق.
استمر هذا الحال عدة أيام .. يعيش الثور في نعيم و يعيش الحمار في شقاء و جحيم بسبب مشورته التي عادت عليه بالأذى .. وفي أحد الأيام تنبّه الحمار أنه لديه من الدهاء ما يكفي لخداع ذلك الثور
فقال له : يا عزيزي الثور أعتقد أن عليك أن تُظهر للفلاح أنك استعدت عافيتك و صحتك، فإني سمعت الفلاح يحكي وقد عزم على ذبحك و تقطيعك ، حتى أنه قد باع جلدك لأحد تجار الجلود.
فما كان من الثور إلا أن سارع إلى الطعام و الحقل مرة أخرى.