Education

كيف أنقذت نفسي وأولادي من دوامة العصبية؟


Photo principal de l'article


كيف أنقذت نفسي وأولادي من دوامة العصبية؟
 
في لحظة صدق مع نفسي، اكتشفت أنني أصبحت أماً عصبية جداً. أصرخ، أضرب، وأشتم أولادي طوال الوقت. تعبت منهم، وهم أيضاً تعبوا مني. لم أعد أشعر أنني أربيهم، بل كأنني أطفئ حرائق يومية بلا نهاية. سألت نفسي بصدق: هل هذه الأم التي أردت أن أكونها يوماً؟ كانت الإجابة مؤلمة. وهنا قررت أن أبدأ التغيير الحقيقي، لا من أجلهم فقط، بل من أجل نفسي أيضاً.
لماذا وصلنا إلى هذه الحالة؟ الضغوط اليومية، الإهمال الذاتي، التراكمات النفسية، وعدم معرفتنا بأدوات التربية الصحيحة جعلتنا نتعامل بعصبية وعنف ظنّاً منا أننا نحسن صنعاً. بينما الحقيقة أننا ندمر العلاقة بيننا وبين أولادنا دون أن نشعر.
فهمت أن الحل لا يأتي بالشعارات، بل بخطوات عملية ومحددة. وضعت لنفسي خطة واضحة لمدة 14 يوماً، وأسميتها "خطة النجاة". قررت أن ألتزم بها مهما كانت الظروف.
في بداية كل يوم، كنت أجلس دقيقة واحدة فقط، أردد لنفسي: "أنا سأهدي أولادي بالحب، مش بالخوف." هذه الجملة كانت تعيد لي التركيز كلما فقدته. عندما أشعر بالغضب، لا أنتظر حتى أنفجر، بل أطبق قاعدة الطوارئ: أوقف كل شيء، أتنفس ثلاث مرات بعمق، وأبتعد عن المكان لدقيقتين. هذا الفاصل البسيط كان كفيلاً أن يمنعني من ارتكاب خطأ الندم.
غيرت أسلوبي مع أخطاء أولادي، بدلاً من الضرب والصراخ، وضعت قانوناً واضحاً للتعامل مع الخطأ: أول مرة تنبيه بالكلام بهدوء، ثاني مرة خصم شيء بسيط، ثالث مرة عقوبة خفيفة كمنع الأجهزة مؤقتاً. لا ضرب ولا شتائم ولا إذلال.
كل مساء، خصصت وقتاً قصيراً أكتب فيه أسوأ وأجمل لحظة مع أولادي في ذلك اليوم. هذه العادة البسيطة جعلتني ألاحظ التحسن الذي لم أكن أراه أثناء الزحمة اليومية.
خصصت لكل طفل 10 دقائق خاصة به وحده يومياً. مجرد وقت أستمع له فيه دون أوامر ولا نقد. هذه الدقائق الصغيرة كانت كالماء للزرع الجاف.
لم أنس نفسي. اهتممت بشربي للماء، بأكلي، بتنفسي تحت الشمس لدقائق كل يوم. الصحة الجسدية تؤثر على الصبر أكثر مما نظن.
وكان الأهم أن أتعلم كيف أعتذر. عندما كنت أنفعل أو أصرخ، كنت أرجع بعد أن أهدأ، وأقول لهم: "ماما غلطت لما زعقت، أنا آسفة. وأتمنى أتعلم أكون أهدى علشانكم." كنت أظن أن الاعتذار سيقلل من احترامي أمامهم، فاكتشفت أنه زاد حبهم وثقتهم بي.
تعلمت أن الأمومة الحقيقية ليست أن أكون كاملة، بل أن أكون صادقة ومستمرة في التعلم. تعلمت أن الهدوء ليس شيئاً يولد معنا، بل قرار نجدد اختياره كل يوم.
أنا اليوم لست أماً مثالية، ولكني أماً حقيقية تحاول بكل حب، وتنجح في كل مرة تصر فيها أن تبدأ من جديد. وهذه أعظم انتصار.
 
مقال مقتطف من صفحة "معا لطفولة افضل"